فصل: قال ابن جزي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال النسفي:

سورة الغاشية:
مكية.
وهي ست وعشرون آية.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{هَلُ} بمعنى (قد) {أَتَاكَ حديث الغاشية} الداهية التي تغشى الناس بشدائدها وتلبسهم أهوالها يعني القيامة.
وقيل: النار من قوله: {وتغشى وُجُوهَهُمْ النار} [إبراهيم: 50] {وُجُوهٌ} أي وجوه الكفار، وإنما خص الوجه لأن الحزن والسرور إذا استحكما في المرء أثراً في وجهه {يومئِذٍ} يوم إذ غشيت {خاشعة} ذليلة لما اعترى أصحابها من الخزي والهوان {عاملة ناصبة} تعمل في النار عملاً تتعب فيه وهو جرها السلاسل والأغلال وخوضها في النار كما تخوض الإبل في الوحل، وارتقاؤها دائبة في صعود من نار وهبوطها في حدور منها.
وقيل: عملت في الدنيا أعمال السوء والتذت بها وتنعمت فهي في نصب منها في الآخرة.
وقيل: هم أصحاب الصوامع ومعناه أنها خشعت الله وعملت ونصبت في أعمالها من الصوم الدائب والتهجد الواصب {تصلى نَاراً حامية} تدخل ناراً قد أحميت مدداً طويلة فلا حر يعدل حرها {تصلى} أبو عمرو وأبو بكر {تسقى مِنْ عين ءَآنية} من عين ماء قد انتهى حرها، والتأنيث في هذه الصفات والأفعال راجعة إلى الوجوه والمراد أصحابها بدليل قوله: {لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضريع} وهو نبت يقال له الشِّبرِق فإذا يبس فهو ضريع وهو سم قاتل، والعذاب ألوان والمعذبون طبقات، فمنهم أكلة الزقوم، ومنهم أكلة الغسلين، ومنهم أكلة الضريع، فلا تناقض بين هذه الآية وبين قوله: {وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ} [الحاقة: 36] {لاَّ يُسْمِنُ} مجرور المحل لأنه وصف {ضريع وَلاَ يُغْنِى مِن جوع} أي منفعتا الغذاء منتفيتان عنه وهما إماطة الجوع وإفادة السمن في البدن.
{وُجُوهٌ يومئِذٍ} ثم وصف وجوه المؤمنين ولم يقل ووجوه لأن الكلام الأول قد طال وانقطع {ناعمة} متنعمة في لين العيش {لِّسَعْيِهَا راضية} رضيت بعملها وطاعتها لما رأت ما أداهم إليه من الكرامة والثواب {فِى جَنَّةٍ عالية} من علو المكان أو المقدار {لاَ تسمع} يا مخاطب أو الوجوه {فِيهَا لاغية} أي لغواً أو كلمة ذات لغو أو نفساً تلغو، لا يتكلم أهل الجنة إلا بالحكمة وحمد الله على ما رزقهم من النعيم الدائم.
{لاَ يَسْمَعُ فِيهَا لاغية}: مكي وأبو عمرو: {لاَّ تسمع فِيهَا لاغية} نافع {فِيهَا عين جارية} أي عيون كثيرة كقوله: {عَلِمَتْ نَفْسٌ} [الانفطار: 5] {فِيهَا سُرُرٌ} جمع سرير {مرفوعة} من رفعة المقدار أو السمك ليرى المؤمن بجلوسه عليه جميع ما خوله ربه من الملك والنعيم.
{وَأَكْوابٌ} جمع كوب وهو القدح. وقيل: آنية لا عروة لها {موضوعة} بين أيديهم ليتلذذوا بها بالنظر إليها أو موضوعة على حافات العيون معدة للشرب {وَنَمَارِقُ} وسائد {مصفوفة} بعضها إلى جنب بعض مساند ومطارح أينما أراد أن يجلس جلس على مسودة واستند إلى الأخرى {وَزَرَابِيُّ} وبسط عراض فاخرة جمع زربية {مبثوثة} مبسوطة أو مفرقة في المجالس.
ولما أنزل الله تعالى هذه الآيات في صفة الجنة، وفسر النبي عليه السلام بأن ارتفاع السرير يكون مائة فرسخ، والأكواب الموضوعة لا تدخل في حساب الخلق لكثرتها، وطول النمارق كذا وعرض الزرابي كذا، أنكر الكفار وقالوا: كيف يصعد على هذا السرير، وكيف تكثر الأكواب هذه الكثرة، وتطول النمارق هذا الطول، وبسط الزرابي هذا الانبساط ولم نشاهد ذلك في الدنيا؟ فقال الله تعالى: {أَفَلاَ ينظرون إِلَى الإبل كَيْفَ خلقت} طويلة ثم تبرك حتى تركب أو يحمل عليها ثم تقوم فكذا السرير يطأطئ للمؤمن كما يطأطئ الإبل {وَإِلَى السماء كَيْفَ رفعت} رفعاً بعيد المدى بلا إمساك وعمد، ثم نجومها تكثر هذه الكثرة فلا تدخل في حساب الخلق فكذا الأكواب {وَإِلَى الجبال كَيْفَ نصبت} نصباً ثابتاً فهي راسخة لا تميل مع طولها فكذا النمارق {وَإِلَى الأرض كَيْفَ سطحت} سطحاً بتمهيد وتوطئة فهي كلها بساط واحد تنبسط من الأفق إلى الأفق فكذا الزرابي؛ ويجوز أن يكون المعنى أفلا ينظرون إلى هذه المخلوقات الشاهدة على قدرة الخالق حتى لا ينكروا اقتداره على البعث فيسمعوا إنذار الرسول ويؤمنوا به ويستعدوا للقائه، وتخصيص هذه الأربعة باعتبار أن هذا خطاب للعرب وحث لهم على الاستدلال، والمرء إنما يستدل بما تكثر مشاهدته له، والعرب تكون في البوادي ونظرهم فيها إلى السماء والأرض والجبال والإبل فهي أعز أموالهم وهم لها أكثر استعمالاً منهم لسائر الحيوانات، ولأنها تجمع جميع المآرب المطلوبة من الحيوان وهي النسل والدر والحمل والركوب والأكل بخلاف غيرها، ولأن خلقها أعجب من غيرها فإنه سخرها منقادة لكل من اقتادها بأزمتها لا تعاز ضعيفاً ولا تمانع صغيراً، وبرأها طوال الأعناق لتنوء بالأوقار، وجعلها بحيث تبرك حتى تحمل عن قرب ويسر، ثم تنهض بما حملت وتجرها إلى البلاد الشاحطة، وصبرها على احتمال العطش حتى إن ظمأها لترتفع إلى العشر فصاعداً، وجعلها ترعى كل نابت في البراري مما لا يرعاه سائر البهائم.
{فذكر} فذكرهم بالأدلة ليتفكروا فيها {إِنَّمَا أَنتَ مذكر} ليس عليك إلا التبليغ {لَّسْتَ عَلَيْهِم بمصيطر} بمسلط كقوله: {وَمَا أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} [ق: 45]، {بمصيطر}: مدني وبصري وعلى وعاصم {إِلاَّ مَن تولى وكفر فَيْعَذِّبُهُ الله العذاب الأكبر} الاستثناء منقطع أي لست بمسؤول عليهم ولكن من تولى منهم وكفر بالله فإن لله الولاية عليه والقهر فهو يعذبه العذاب الأكبر وهو عذاب جهنم.
وقيل: هو استثناء من قوله: {فذكر} أي فذكر إلا من انقطع طمعك من إيمانه وتولى فاستحق العذاب الأكبر وما بينهما اعتراض {إِنَّ إِلَيْنَا إيابهم} رجوعهم، وفائدة تقديم الظرف التشديد في الوعيد وإن إيابهم ليس إلا إلى الجبار المقتدر على الانتقام {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حسابهم} فنحاسبهم على أعمالهم ونجازيهم بها جزاء أمثالهم و{على} لتأكيد الوعيد لا للوجوب إذ لا يجب على الله شيء. اهـ.

.قال ابن جزي:

سورة الغاشية:
{هَلْ أَتَاكَ}
توقيف يراد به التنبيه والتفخيم للأمر.
قيل: هل بمعنى قد وهذا ضعيف {الغاشية} هي القيامة لأنها تغشى جميع الخلق، وقيل: هي النار من قوله: {وتغشى وُجُوهَهُمُ النار} [إبراهيم: 50] وهذا ضعيف لأنه ذكر بعد ذلك قسمين: أهل الشقاوة وأهل السعادة {خاشعة} أي ذليلة {عاملة ناصبة} هو من النصب بمعنى التعب، وفي المراد بهم ثلاثة أقوال:
أحدهما أنهم الكفار ويحتمل على هذا يكون عملهم ونصبهم في الدنيا لأنهم كانوا يعملون أعمال السوء ويتعبون فيها، أو يكون في الآخرة فيعملون فيها عملاً يتعبون فيه من جر السلاسل والأغلال وشبه ذلك ويكون زيادة في عذابهم.
الثاني: أنها في الرهبان الذين يجتهدون في العبادة ولا تقبل منهم، لأنهم على غير الإسلام وبهذا تأولها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وبكى رحمة لراهب نصراني رآه مجتهداً. فعاملة ناصبة على هذا في الدنيا، وناصبة إشارة إلى أجتهادهم في العمل، أو إلى أنه لا ينفعهم فليس لهم منه إلا النصب.
الثالث أنها في القدرية. وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر القدرية فبكى وقال: «إن فيهم المجتهد».
{تسقى مِنْ عين آنية} أي شديدة الحر، ومنه {حَمِيمٍ آنٍ}، [الرحمن: 44] ووزن آنية هنا فاعلة بخلاف {آنية من فضة} فإن وزنه أفعله {لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضريع} في الضريع أربعة أقوال:
أحدهما أنه شوك يقال له الشبوق وهو سم قاتل وهذا أرجح لأقوال؛ لأن أرباب اللغة ذكروه ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الضريع شوك في النار».
الثاني: أنه الزقوم لقوله: {إِنَّ شَجَرَةَ الزقوم طَعَامُ الأثيم} [الدخان: 43-44].
الثالث: إنه نبات أخضر منتن ينبت في البحر وهذا ضعيف، لأن ما يجري في الوادي ليس بطعام إنما هو شراب، ولله در من قال: الضريع طعام أهل النار فإنه أعم وأسلم من عهده التعيين. واشتقاقه عند بعضهم من المضارعة، بمعنى المشابهة لأنه يشبه الطعام الطيب وليس به، وقيل: بمعنى مضرع للبدن أي مضعف وقيل: إن العرب لا تعرف هذا اللفظ.
فإن قيل: كيف قال هنا: {ليس لهم طعام إلا من ضريع} وقال في الحاقة: {ولا طعام إلا من غسلين}؟
فالجواب: أن الضريع لقوم والغسلين لقوم، أو يكون أحدهما في حال والآخر في حال {لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جوع} هذه الجمة صفة لـ: {ضريع}، ولـ: {طعام} نفي عنه منفعة الطعام وهي التسمين وإزالة الجوع.
{وُجُوهٌ يومئِذٍ ناعمة} أي متنعمة في الجنة أو يظهر عليها نضرة النعيم {لِّسَعْيِهَا راضية} أي راضية في الآخرة لأجل سعيها وهو عملها في الدنيا {فِي جَنَّةٍ عالية} يحتمل أن يكون من علو المكان أو من علو المقدار أو الوجهين {لاَّ تسمع فِيهَا لاغية} هو من لغو الكلام ومعناه الفحش وما يكره، فيحتمل أن يريد كلمة لاغية أو جماعة لاغية {فِيهَا عين جارية} يحتمل أن يريد جنس العيون أو واحدة شرّفها بالتعيين {وَأَكْوَابٌ موضوعة} قد ذكرنا أكواب، ومعنى {موضوعة}: حاضرة معدة بشرابها وفي قوله: {مرفوعة} و{موضوعة}؛ مطابقة {وَنَمَارِقُ} جمع نمرقة وهي الوسادة {وَزَرَابِيُّ مبثوثة} هي بسط فاخرة وقيل: هي الطنافس واحدها زربية {مبثوثة} أي متفرقة، وذلك عبارة عن كثرتها وقيل: مبسوطة {أَفَلاَ ينظرون إِلَى الإبل كَيْفَ خلقت} حض على النظر في خلقتها لما فيها من العجائب في قوتها، وانقيادها مع ذلك لكل ضعيف، وصبرها على العطش، وكثرة المنافع التي فيها من الركوب والحمل عليها، وأكل لحومها وشرب ألبانها، وأبوالها وغير ذلك.
وقيل: أراد بـ: {الإبل} السحاب وهذا بعيد وإنما حمل قائلة عليه مناسبتها لـ: {السماء} و{الأرض} و{الجبال}، والصحيح أن المراد الحيوان المعروف، وإنما ذكره لما فيه من العجائب، ولإعتناء العرب به إذ كانت معايشتهم في الغالب منه، وهو أكثر المواشي في بلادهم.
{لَّسْتَ عَلَيْهِم بمصيطر} أي قاهر متسلط وهذا من المنسوخ بالسيف {إِلاَّ مَن تولى} استثناء منقطع معناه لكن من تولى {وكفر فَيُعَذِّبُهُ الله} وقيل هو استثناء من مفعول {فذكر}، والمعنى ذكر كل أحد إلا من تولى حتى يئست منه فهو على هذا متصل، وقيل: هو استثناء من قوله: {لَّسْتَ عَلَيْهِم بمصيطر} أي لا تسلط إلا على من تولى وكفر، وهو على هذا متصل ولا نسخ فيه إذ لا موادعة فيه وهذا بعيد، لأن السورة مكية والموادعة بمكة ثابتة {إِنَّ إِلَيْنَآ إيابهم} أي رجوعهم والآية تهديد. اهـ.

.قال البيضاوي:

سورة الغاشية:
مكية.
وهي ست وعشرون آية.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{هَلْ أَتَاكَ حديث الغاشية}
الداهية التي تغشى الناس بشدائدها يعني يوم القيامة، أو النار من قوله تعالى: {وتغشى وُجُوهَهُمْ النار}، {وُجُوهٌ يومئِذٍ خاشعة} ذليلة.
{عاملة ناصبة} تعمل ما تتعب فيه كجر السلاسل وخوضها في النار خوض الإبل في الوحل، والصعود والهبوط في تلالها ووهادها ما عملت، ونصبت في أعمال لا تنفعها يومئذ.
{تصلى نَاراً} تدخلها وقرأ أبو عمرو ويعقوب وأبو بكر {تصلى} من أصلاه الله، وقرئ: {تُصَّلِّ} بالتشديد للمبالغة.
{حامية} متناهية في الحر.
{تسقى مِنْ عين ءآنية} بلغت أناها في الحر.
{لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضريع} يبيس الشبرق وهو شوك ترعاه الإبل ما دام رطباً، وقيل شجرة نارية تشبه الضريع، ولعله طعام هؤلاء والزقوم والغسلين طعام غيرهم، أو المراد طعامهم ما تتحاماه الإبل وتعافه لضره وعدم نفعه كما قال تعالى: {لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِى مِن جوع} والمقصود من الطعام أحد الأمرين.
{وُجُوهٌ يومئِذٍ ناعمة} ذات بهجة أو متنعمة.
{لِّسَعْيِهَا راضية} رضيت بعملها لما رأت ثوابه.
{فِى جَنَّةٍ عالية} علية المحل أو القدر.
{لاَ تسمع} يا مخاطب أو الوجوه.
وقرأ على بناء المفعول بالياء ابن كثير وأبو عمرو ورويس وبالتاء نافع.
{فِيهَا لاغية} لغواً أو كلمة ذات لغو أو نفساً تلغو، فإن كلام أهل الجنة الذكر والحِكَم.
{فِيهَا عين جارية} يجري ماؤها ولا ينقطع والتنكير للتعظيم.
{فِيهَا سُرُرٌ مرفوعة} رفيعة السمك أو القدر.
{وَأَكْوابٌ} جمع كوب وهي آنية لا عروة لها.
{موضوعة} بين أيديهم.
{وَنَمَارِقُ} وسائد جمع نمرقة بالفتح والضم.
{مصفوفة} بعضها إلى بعض.
{وَزَارَابيُّ} بسط فاخرة جمع زريبة.
{مبثوثة} مبسوطة.
{أَفَلاَ يَنظُرُونَ} نظر اعتبار.
{إِلَى الإبل كَيْفَ خلقت} خلقاً دالاً على كمال قدرته وحسن تدبيره حيث خلقها لجر الأثقال إلى البلاد النائية، فجعلها عظيمة باركة للمحل ناهضة بالحمل منقادة لمن اقتادها طوال الأعناق لينوء بالأوقار، ترعى كل نابت وتحتمل العطش إلى عشر فصاعداً ليتأتى لها قطع البوادي والمفاوز، مع مالها من منافع أخرى ولذلك خصت بالذكر لبيان الآيات المنبثة في الحيوانات التي هي أشرف المركبات وأكثرها صنعاً، ولأنها أعجب ما عند العرب من هذا النوع. وقيل المراد بها السحاب على الاستعارة.
{وَإِلَى السماء كَيْفَ رفعت} بلا عمد.
{وَإِلَى الجبال كَيْفَ نصبت} فهي راسخة لا تميل.
{وَإِلَى الأرض كَيْفَ سطحت} بسطت حتى صارت مهاداً، وقرئ الأفعال الأربعة على بناء الفاعل للمتكلم وحذف الراجع المنصوب، والمعنى {أَفَلاَ يَنظُرُونَ} إلى أنواع المخلوقات من البسائط والمركبات ليتحققوا كمال قدرة الخالق سبحانه وتعالى، فلا ينكروا اقتداره على البعث ولذلك عقب به أمر المعاد ورتب عليه الأمر بالتذكير فقال: {فذكر إِنَّمَا أَنتَ مذكر} فلا عليك إن لم ينظروا ولم يذكروا إذ ما عليك إلا البلاغ.
{لَّسْتَ عَلَيْهِم بمصيطر} بمتسلط، وعن الكسائي بالسين على الأصل وحمزة بالإِشمام.
{إِلاَّ مَن تولى وكفر} لكن من تولى وكفر.
{فَيْعَذّبُهُ الله العذاب الأكبر} يعني عذاب الآخرة. وقيل متصل فإن جهاد الكفار وقتلهم تسلط، وكأنه أوعدهم بالجهاد في الدنيا وعذاب النار في الآخرة وقيل هو استثناء من قوله: {فذكر} أي فذكر إلا من تولى وأصر فاستحق العذاب الأكبر، وما بينهما اعتراض ويؤيد الأول أنه قرئ {إِلاَّ مَن تولى} على التنبيه.
{إِنَّ إِلَيْنَا إيابهم} رجوعهم، وقرئ بالتشديد على أنه فيعلل مصدر فيعل من الإياب، أو فعال من الأوب قلبت واوه الأولى قلبها في ديوان ثم الثانية للإِدغام.
{ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حسابهم} في المحشر، وتقديم الخبر للتخصيص والمبالغة في الوعيد.
عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة الغاشية حاسبه الله حساباً يسيراً». اهـ.